لقد جعل الله دين الإسلام للإنسان رِفعةً وذِكراً، وحصناً ودرعاً واقياً، ولباساً ساتراً، وصبغةً تحفظ فطرته ونفاسة معدنه، وتزكي باطنه وجوهره، وتُجَمِّلُ ظاهره وتكسوه بالجمال والْحُسْنِ، قال تعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة:138]. كما جعل الله الدين محطةً وَمُخْتَبَراً؛ تظهر به معادن الناس, فمن استجاب لهذا الدين وثبت عليه ثبت على فطرته ونفاسة معدنه وجوهره، وَتَنَاَمَى فيه الطِّيْب والخير، حتى ينتهي به المطاف إلى دار الطيبات؛ قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر:73], وسكن الطيبين الجنة.
ومن تَمَرَّدَ على دين الله، واتخذه لهواً ولعباً، فلم يلتزم بمنهجه، ولم يستجب لأوامره ونواهيه، وانحرف عن فطرته، وانتكس في أخلاقه وسلوكه: فسد معدنه، وخاب وخسر, قال سبحانه: (قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) [عبس:17]، (بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ) [القيامة:5]، وقال: (إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم:34]. (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس:10].. (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) [طه:111].
ومن استجاب للشياطين واتَّبعَهم؛ اجْـتَالُوه وأَغْووه؛ قال تعالى: (قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام:71].
فبقدر التزام الإنسان بالدين، وتمسكه به وثباته عليه؛ يكون مُستوى ونوع وطيب معدنه. وكما جاء في الحديث القدسي, قال صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: (إني خلقت عبادي حنفاء كلهم , وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وَحَرَّمَتْ عليهم مَا أَحْلَلْتُ لهم، وأَمَرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً) (مسلم، عن عياض بن حمار رضي الله عنه.). وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،