الرئيسية / بقلم الشيخ / انتكاسة الذوق وفساد وانقلاب الموازين
انتكاسة الذوق وفساد وانقلاب الموازين عند أصحاب المعدن الخبيثة الرديئة في القرآن الكريم
انتكاسة الذوق وفساد وانقلاب الموازين عند أصحاب المعدن الخبيثة الرديئة في القرآن الكريم

انتكاسة الذوق وفساد وانقلاب الموازين

ثالثاً: انتكاسة الذوق وفساد وانقلاب الموازين

إن أصحاب المعادن الخبيثة الرديئة؛ قلوبهم وعقولهم أوعية للنفايات, ونفوسهم خربة مريضة، تأبى الحق، وترفض الخير، وتنفر من سماعه، وتشمئزّ من ذكره.

ولذلك انتكس الذوق في مشاعرهم وحواسّهم، وعميت بصائرهم, لأن القلوب بالنسبة للحواس كالنظارة للبصر([1]).

 فلما انتكس الذوق في هذه القلوب، وفسدت الفطرة عند أصحابها، أصبحت ترى القبيح حسناً، والحسن قبيحاً، والخبيث طيباً، والطيب خبيثاً، وتَشمُّ النتن طِيْباً، والطِّيْبَ نَتَناً، وتذوق الْحُلو مُراً والمر حُلواً.

فصار الخبيث والقبيح والفاحش والمنكر معروفاً ومألوفاً لديهم، وما كان عكس ذلك صار عندهم منكراً مرفوضاً مبغوضاً، وصدق الشاعر إذ يقول:

ومن يكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مريض يجد مُرًّا به الماءَ الزلالا

وقد شبههم الله بالذي يمشى مُكِبًّا على وجهه، فقال سبحانه: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الملك:22]، فأصبحت حواسّهم كالملاقيط، تلتقط الأذى والأقذار من القمامات، حتى تمتلئ قلوبهم رجساً فتمرض وتموت, كما قال الله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) [التوبة:125], فيصبح حالهم كما وصفهم الله بقوله: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [البقرة:171]، وكما قال الله سبحانه: (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [التوبة:95].

 وقوله تعالى: (فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام:125].

——————————-

([1]) نكته لطيفه: “يقال أن بقرةً كانت لا تأكل إلا حشيشاً أخضراً, فكانوا كل ما قدموا لها تبناً أو علفاً غير أخضر تركته ولم تأكله , فصنعوا لها نظارة من قطعتي زجاج أخضر لين ووضعوها على عينيها وشدوها بخيط إلى قرنيها فصارت ترى كل شي أخضر فأكلت القصب والتبن وغيره”.

شاهد أيضاً

نحن مُقَلِّدون وإلى ذِمَّتِهْم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: إخواني: إن من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *